الرأى العام فى إسرائيل عن الشعوب العربية والرأى العام العربى عن إسرائيل (بحث شامل محايد) الجزء الثالث (سوريا)
* الرأى العام فى إسرائيل عن سوريا
الرأي العام الإسرائيلي تجاه سوريا والشعب السوري معقد ومتنوع ، ويتأثر بالصراعات التاريخية، الحرب الأهلية السورية، والمصالح الأمنية الإسرائيلية. إليك تحليل لأبرز التوجهات:
1. النظرة الأمنية : سوريا كتهديد سابق وحليف غير مباشر الآن
- تاريخيًا، كانت سوريا تعتبر إسرائيل العدو الرئيسي بسبب حرب 1967 و حرب 1973 ، ودعمها للمقاومة الفلسطينية وحزب الله.
- بعد الحرب الأهلية (2011)، تغيرت النظرة الإسرائيلية: النظام السوري أصبح أضعف ، وتركيز إسرائيل تحوّل إلى منع انتشار النفوذ الإيراني وحزب الله في سوريا.
- إسرائيل تتعامل مع سوريا عبر غارات جوية ضد أهداف إيرانية أو لحزب الله، لكنها تتجنب الاصطدام المباشر مع النظام السوري (بل إن هناك اتهامات بتنسيق أمني غير معلن).
2. الرأي العام تجاه الشعب السوري : تعاطف محدود وانقسام
- تعاطف مع المعارضة : خلال سنوات الحرب، أظهر جزء من الإسرائيليين تعاطفًا مع المدنيين السوريين، خاصة ضحايا النظام السوري (مثل مجزرة الغوطة). بعض المنظمات الإسرائيلية قدمت مساعدات طبية للسوريين عبر الحدود (مشروع "الباب إلى الباب").
- شكوك تجاه اللاجئين : رغم التعاطف، هناك معارضة شعبية وسياسية واسعة لاستقبال لاجئين سوريين في إسرائيل، بحجة "المخاطر الأمنية" (إسرائيل لم تستقبل أي لاجئين سوريين رسميًا).
- الانقسام السياسي : اليمين الإسرائيلي يرى سوريا كـ"دولة معادية" حتى لو ضعفت، بينما بعض الليبراليين يدعون لمساعدة المدنيين دون دعم النظام.
3. الصورة الإعلامية : بين الضحية والعدو
- الإعلام الإسرائيلي يغطي سوريا عبر زاويتين:
الأولى : كوارث إنسانية (هجمات كيماوي، نزوح مدنيين) → تعزيز صورة "الشعب السوري كضحية".
الثانية : النفوذ الإيراني → تصوير سوريا كساحة خطيرة على أمن إسرائيل.
4. المصالح الاستراتيجية: لا سلام ولا حرب
- إسرائيل لا تسعى لتحقيق سلام مع سوريا (كما فعلت مع مصر والأردن)، لكنها أيضًا لا تريد حربًا شاملة.
- هناك قلق من أي تسوية إقليمية تعيد إعمار سوريا بتمويل عربي (مثل مشاريع السعودية أو الإمارات)، لأنها قد تعزز النفوذ الإيراني.
- بعض المحللين الإسرائيليين يرون أن استمرار النظام السوري الضعيف هو الأفضل لإسرائيل، لأنه غير قادر على تهديدها مباشرة.
5. التفاعل المحدود مع السوريين
- بسبب العداء التاريخي، لا يوجد أى نوع من التواصل المباشر بين الشعوب (لا علاقات تجارية ، لا سياحة، لا تبادل ثقافي)
- بعض السوريين من هضبة الجولان المحتلة (الذين يحملون هويات إسرائيلية) هم القناة الوحيدة للتفاعل، لكنهم يعيشون في عزلة نسبية.
الخلاصة :
- إسرائيل تنظر إلى سوريا كساحة صراع مع إيران أكثر من كونها دولة مستقلة.
- التعاطف مع الشعب السوري موجود لكنه ضعيف ، ولا يترجم إلى سياسات دعم حقيقية.
- أي تغيير في الموقف الإسرائيلي سيعتمد على تطورات الصراع مع إيران، وليس بالضرورة على الوضع الداخلي السوري.
* الرأي العام السوري تجاه إسرائيل
الرأي العام السوري تجاه إسرائيل معقد ومتأثر بعقود من الصراع، الأيديولوجيا، والتطورات السياسية الأخيرة يمكن تلخيصه في النقاط التالية:
1. الموقف الرسمي: العداء التاريخي والرفض العلني
- النظام السوري السابق (حكومة الأسد) كانت تتبنى تبنى خطاباً مناهضاً لإسرائيل منذ تأسيسها، معتبراً إياها "كياناً احتلالياً" وداعماً للمقاومة (مثل حزب الله والفصائل الفلسطينية).
- رغم ذلك، هناك اتهامات بتنسيق أمني غير معلن بين إسرائيل والنظام في السنوات الأخيرة (خاصة في هجمات إسرائيل على أهداف إيرانية في سوريا)، مما أثار استياء بعض المؤيدين للنظام.
2. الرأي العام التقليدي : العداء الشعبي الغالب
- الغالبية العظمى من السوريين (بمن فيهم المعارضون للنظام) يرفضون إسرائيل بسبب:
- القضية الفلسطينية (خاصة تهجير الفلسطينيين في 1948 واحتلال الجولان السوري عام 1967).
- الدعاية الحكومية لعقود التي صورت إسرائيل كعدو رئيسي.
- العامل الديني (خاصة في المناطق المحافظة، حيث يُنظر إلى الصراع على أنه دفاع عن الأراضي الإسلامية).
- حتى أثناء الحرب الأهلية، ظل العداء لإسرائيل أحد نقاط التوافق النادرة بين مؤيدي النظام والمعارضة.
3. تأثير الحرب الأهلية : انقسامات محدودة
- بعض السوريين في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام (مثل إدلب) اتهموا النظام بـ"التواطؤ مع إسرائيل" بعدم الرد على غاراتها الجوية.
- في المقابل، مناطق سيطرة المعارضة (خاصة الإسلامية المتشددة) زادت من خطاب الكراهية ضد إسرائيل، مع شعارات مثل "تحرير فلسطين بعد سوريا".
- نشطاء علمانيون في المنفى بدأوا يناقشون علناً فكرة أن "إسرائيل ليست العدو الوحيد"، مشيرين إلى جرائم النظام السوري وإيران، لكن هذا الرأي لا يزال هامشياً.
4. الجولان المحتل: حالة خاصة
- السوريون في هضبة الجولان (الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ 1967) لديهم مواقف متناقضة:
- جزء منهم (خاصة الدروز) يتعاملون مع إسرائيل عملياً (يحملون هويات إسرائيلية، ويعملون داخل إسرائيل)، لكن معظمهم يرفضون الاندماج سياسياً.
- جزء آخر يصر على الهوية السورية ويرفض أي تعاون، معتبرين الجولان "أرضاً سورية محتلة".
5. التغيرات الطفيفة بعد الحرب : البراغماتية واليأس
- مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، بدأ بعض السوريين (خاصة الشباب) يقللون من أولوية الصراع مع إسرائيل ، معتبرين أن "المشاكل الداخلية أهم".
- هناك فضول متزايد تجاه المجتمع الإسرائيلي (خاصة بين النخب التعليمية)، لكنه نادراً ما يتحول إلى قبول.
- وسائل التواصل الاجتماعي شهدت نقاشات محدودة حول "إمكانية التعايش"، لكنها تواجه هجوماً واسعاً.
الخلاصة :
الرأي العام السوري تجاه إسرائيل لا يزال عدائياً بشكل كاسح ، لكن الحرب الأهلية أدت إلى:
- بروز استثناءات فردية (خاصة بين النازحين والنخب).
- نقاشات حول أولويات الصراع ، لكن دون تغيير جذري في الموقف.
- تأثير العوامل الإقليمية (مثل التطبيع العربي مع إسرائيل) لا يزال محدوداً في سوريا مقارنة بدول أخرى.
- العداء لإسرائيل مُتجذر في الهوية الوطنية السورية ، وأي تحول سيتطلب عقوداً، حتى لو تغير الموقف الرسمي.
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقكم على المحتوى يٌهمنا ويٌشجعنا ويٌوجهنا